لحظات من عمري

قال: هل كان يمكن أن تكوني أنتِ مكانها؟
نظرت إليه باندهاش . لم أعلم عم يتحدث لم تنبت من شفتي سوى همهمة تعجب : هه!!!!
أجاب موضحاً : زوجتي
نظرت إليه بحنان و قسوة لم أعلم هل أحس بمغزى نظرتي ؟
قلت بهدوء : إنه القدر
نظر إلي بشرود قائلاً : ليتكِ كنتِ معي في تلك اللحظات
تصنعت الأسى : ليتني.....

اندلع في عقلي سؤال ...... ماذا تريد مني يا عمر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أجاب و كأنه يقرأ أفكاري : تزوجيني

وقت يمر ...... كنت اقضي ليالٍ طويلة أتخيله يطلب مني الزواج.
كنت متحيرة من عدم إقدامه علي هذا الطلب
وفي كل مرة كنت اختلق في نفسي إجابة جديدة ... مرات كنت أتخيلني سأصاب بالخجل الشديد و تحمر وجنتاي و يُلجم لساني ...و مرات كنت أتخيلني تحت وجه صلب يخنق مشاعري لأصده قائله : لا يمكنني الزواج بك فأنت متزوج
.. مرات أتخيلني سأقفز من الفرح و احتضنه ليدور بي في عالم لا متناه من السعادة... و مرات و مرت و مرات
لم أكن أتصور أن هذا سيكون حالي
تسللت مني دموعي ثم قلت : انتظرتك طويلاً............
قال : كان لا بد أن ارتب أموري .
قلت: و هل ستقبل هي؟؟
قال رافعاً أحد حاجبيه : و هل ستعلم هي؟؟؟
اتسعت عيناي و حدقت به ثم صرخت بصوت خفيض : ماذا تقصد؟
أجاب : زواجاً سرياً .
قضبت جبيني واندفع كل الدم الذي في جسدي إلي رأسي وتسارعت ضربات قلبي حين قلت: وهل أنا ثيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اتبع وكأنه كان ينتظر انتهاء سؤالي : أنا أحبك ..
تبددت الكلمات من فوق شفتي
تصارعت أفكاري
تهدمت قصوري

سقط عرش مملكتي
طأطأت رأسي قليلاً قائله : هل تعلم ماذا سيكون حال أمي إذا ما علمت برغبتي؟؟؟
أردف بهدوء : ومن قال أنه يجب أن تقولي لها ؟؟؟؟
أدرت رأسي بسرعة تجاهه و نظرت إليه في استنكار مجيبه : إذن فأنتَ تعلم إجابتي.
قال : لن تستطيعي أن تفكري في غيري .. صدقيني فأنا أعلم ما هو الحل الأمثل لكلينا .
قلت بعصبية : الأمثل لي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فتاة مثلي يتقدم إليها الكثيرون و هي رافضة
لست الأجمل و لكني جميلة
أحسبني مثقفة
الأمثل لي أن أتزوج سراً ؟؟؟؟؟ لماذا ؟؟؟؟
قال بهدوء يثير بركاني : حتى أرحمك من لوعة شوقك و حبك لي ....
ألا ترين نظراتك إلي حين أحدثك ؟!!
ألا تتأملين نفسك حين يُلجم لسانك إذا ما وجهت لكي الحديث ؟!
أقسم أنك تسهرين الأيام ناظرة إلي القمر.
كم مرة تمنيتني لو أبادلك شعورك؟؟
كم مرة وددتِ لو ألمس يديكِ ؟
كم مرة فكرتي في أفكاراً ...ثم نظر إلي بخبث...........

أحسست في هذه اللحظة و كأنه قد جردني من عباءة تصنعي الواهن بأنه لا شيء في حياتي.
كيف علم كل هذا؟؟؟
هل كان ذلك واضحاً علي؟؟؟
حاولت أن أُخفيني عنه و لكن من الواضح أنه لن يجدي.
كم احتقرته الآن و كم احتقرت نفسي لعدم قدرتي علي إخفاء مشاعري .
قلت له بثقة : لا يا سيد عمر.. أنا لست موافقة .. أسريٍّ كان أم عَلَنيّ ...و أنا آسفة أن هذه الأفكار راودتك عني..
ضحك عالياً : أنت من ستتلوعين ... قد حذرتك .
نظرت إليه بضيق : من هذا الذي يتحدث عن اللوعة ؟؟؟ . اللوعة تلك لا تكون في بُعد أمثالك ... كم أشفق علي زوجتك. و كم أتمنى لها السعادة ... يكفي هذا .. فأنا منشغلة الآن ......
مضى في طريقه إلي مكتبه متظاهراً بالبرود .. أو أنه بارداً أصلاً .
و تركني هنا .
وحدي . لا بل مع المنغص الأول لحياتي . نفسي ..
توقعت أن تدمع عيناي . أن أنهار . فقد تهشمت كل أعمدتي
توقعت أن أفكر فيه حينها .. كما اعتدت أن أفعل
توقعت أن تلومني نفسي
لكني أكملت يومي كأن شيئاً لم يكن ...
أنهيت عملي و اتجهت إلي بيتي و من ثم غرفتي و بدلت ملابسي بأخرى
نظرت إلي المنضدة بجانب فراشي وجدت كتاباً كان قد أعطاه إياي لإقرأه
اتجهت إليه لأتفقده
تحسسته

شممت عطره الذي يطغي علي أوراق الكتاب
أغمضت عيني
صككت علي ضروسي
أمسكت وريقات الكتاب بشدة وبدأت أمزقه تدريجياً
حتى صرت أمزقه بسرعة
كنت أسارع نفسي
و تسابقني دموعي كي تبلل كل ورقة قبل أن تسقط علي الأرض
سَقَطْتُ
وسقطَ الكتاب معي
و رحت ابكي

حاولت أن الملم أشلاء الكتاب .. جمعت بضع وريقات نظرت فيما كُتِبَ فيها
" أحبك. كقطرات الندى فجر كل يوم علي وريقات زهوري. دعيني أراقصك تحت ضوء النجوم و فوق تلك الأرض المبتلة . اتركي لي نفسك حتى تصعد روحينا لتصل إلي المجرات البعيدة . سآخذك هناك في رحلة طويلة قصيرة " أطبقت علي تلك الوريقات بيدي ثم ألصقت رأسي بها .
قمت إلي نافذتي .. لم أجد صديقاتي النجوم
وجدت قمري قد اتشح بالسواد
لا أعلم كم لبثت علي هذا الوضع
لا أعلم لم...
كلماته العبثية تلك قلبت حياتي و أفكاري.
صرت أرى كل شيء أسود
حتى قطتي . كدت أن أخنقها لكنها تملصت مني و خربشتني في ذعر ثم هربت من غرفتي.

صيحات ارتفعت داخل رأسي .. يعلو صداها حتى كاد يصمني.. أمسكت رأسي بشدة و حاولت غلق أذني . لكنها كانت تعلو و تعلو.. أيها النذل الجبان.... أكرهك..... أتمني لو أني لم أعرفك
تقلبت علي سريري . غير آبهة بالوقت الذي يمضي .. أفقت علي صوت

" الصَلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَومِ" و يداً تربت علي كتفي بحنان : قومي يا أمل .. صلي الفجر يا حبيبتي
احتضنتها بشدة .. فبادلتني الاحتضان ................

.........................

حكوك الطبع و النشل محفوظة لنعكوشة