موعد الرحيل

تظهر بالمرآه صورة مشوشة لامرأة ارتسمت ملامحها الأولية منذ قرابة الثلاثة عقود

عبثت انامل الحياة في وجهها لتكسبه لحناً صاخباً - هو تقليد رديء لموسيقى  مبهجة - فلا تدري من منظرها هل هي سعيدة أم بائسة

إذا ما نظرت إلى جبهتها تجد بوادر التجاعييد التي  ستكسو وجهها بعد حقبة من الزمن إذا ما طال بها العمر 

 ترى سطحاً مهيئاً تماماً لتلقي مزيداً من الألم

قديماً كان يمكنك أن ترى لمعة عينيها الضاحكة تبرق على استحياء من وراء جفونها المحروسة برموشها الكثيفة السوداء 

الآن لا ترى سوى عيناً ذابلة تكاد تشك في بياضها محاطة بالهلات السوداء 

أما أنفها  فقد فعلت به الدنيا أفاعيلها .. هوغاضبٌ منها لا محاله فتراه موجها  إلى اليسار فتقتنع كلما نَظَرَتْ إليه أنها من أهل الشِمال 

تعبث به في محاول لتعديلة وهي تقول : لماذا لا يمكنه أن يكون معتدلاً

رغم عمرها فإنك تجد الحبوب تغزو وجهها خاصة فوق شفتيها و قرب صدغيها وكأنه نمل متكوم على فتات الخبز 

فمها .. ذلك الشئ الذي لا تكاد تراه في وجهها لشحوبه و صغره ولكن فائدته الوحيدة هو أنه يغطى تلك الاسنان الصفراء- لشراهتها في شرب السجائر- و يحبس تلك الرائحة الكريهة التى تنطلق من فمها إذا ما قامت بفتحه

لا شئ أكثر بؤساً من وصف ملامحها

لا شئ سوى وعاء غبي يحمل بداخله روحاً لفتاة تغزل بورقة بيضاء كفنها 

و تغسل بدموعها ما قد خلفته الأحبار السوداء على تلك الورقة

تعزف على رسغها بمشرطٍ حاد فتنساب منها ألحاناً تُكتَب بدمائها على آخر نوته موسيقيه لها
تبتسم ابتسامة صفراء و هي تتممتم آخر أهازيجها
ثم تثبت عينها لأعلى معلنةً أنه موعد الرحيل

....................

حكوك التبع و النشل محفوسة لنعكوشة