رقصة جنائزية

أرقصُ على تلك المقبرة كحمامٍ مذبوح

أخترق جزيئات الهواء و تبللني قطرات المطر

يندمج -المطر- مع شعري ليرقصا بتثاقلٍ معي

أضرب الأرض بقوة في محاولة لسحقها أو سحق آلامي

رقصةً اسبانية أرتجلها على أنغام تتخبط بجنبات عقلي

أشعر بألم  ضرباتي فأزيد منها 

أسقط على ركبتاي صارخةً أحبك

فلا أسمع سوى صدى صوتي

وصوتٌ مبحوح بداخلي يردد أنك أيضاً تحبني

لكن عيني لم تكن تملك مزيداً من الدموع لتلفظها تضامناً مع صوتك

ها هي أنغام زوربا تتسلل عبر آذاني 

وها هو يقترب مني يدعوني للرقص فأرفع عيني إليه بتوسل : لا أعلم كيف أرقصها

يأخذ بيدي ليعلمني: تلك هي الخطوات .. واحد اثنان .. واحد اثنان

أكاد أسقط .. فتهرب مني ضحكة ..فيضحك عالياً

تعلو ضحكاتنا فأنثر تلك الزهور البيضاء التي جلبتها معي

أواجهه  فجأةً بضربةٍ على صدره : لماذا تركته؟ـ

لم يجيبني .. بل و يختفي زوربا و تخفت أنغامه

أنا وحدي .. وأنت لست معي

وصوتك البالي يرحل بعيداً مني ساحباً روحي معه

تتحجر مقلتاي أسفاً و صدمة و أتيقن مما لم أكن أصدقه 

لا أجد أحداً يشاطرني صدمتي سوى ضوء القمر

سكون الليل

صفير الحشرات

وحفيف الشجر

أقف بلا حراك .. لمَ أنا لازلتُ واقفة؟ .. لماذا لم أرحل؟.. ولماذا أنا هنا بالأصل؟ـ

أنا حتى لا أملكُ حديثاً لأخاطبُ به الأموات

ولا أملكُ تعليقاً على أسمينا الذان كتبتهما للتو على شاهد ذلك القبر

يداي ساقطتان بجانبي رغم ارتعاشات جسدي

لا أعلم هل أرتعد من البرد؟ـ 

أم أنه أنت وأنا بين سكرات الموت؟ـ

أم أنه الخوف من كل شئ بعد فقدك؟ـ

لا أحوطني

لم أفكر بالأصل أن أحوطني

فقط.. لا أزال واقفة

تعلو أصوات أنفاسي

و أسمع نبض قلبي يرتفع رويداً رويداً

أشعر بالبرد فأنكمش على نفسي

أرتجف فأحوطني 

أنزع القلادة عن رقبتي

أتركها لتسقط دون أن أقذفها

تسقط دموعي

أجر أزيالي

ببطْ

حتى أختفي مع وقع خطواتي بين ظلال المقبرة

......................
تقول أحلام مستناغمي: "لتشُفى من حالة عشقية ، يلزمك رفات حب ، لا تمثالاً لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق ، مُصّراً على ذاك البريق الذي انخطفتَ به يوماً .يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس إليك"ـ

حكوك الطبع  و النشل محفوسة لنعكوشة

photo is designed by:DesignzGraphix