نـعـكـشـة

شوية كلام والسلام..مليش دعوةلوبعدما قريته قلت انك ضيعت وقتك..اقرأعلى مسؤليتك الخاصة

تحت المطر و الدنيا برد.

في إحدى المساءات...
كانت تسرع الخطى مبتعدةً عن مقر عملها في طريقها إلى سيارتها ...
خطواتها أحدثت وقعاً مسموعاً في ذلك الطريق المظلم الخاوي تقريباً من البشر...
تقاوم الريح التي تدفعها بعيداً عن سيارتها ... بحثت في حقيبتها عن مفاتيحها ...أخرجتها لكنها سقطت منها على الأرض فتحطمت اللعبة الفخارية الصغيرة المتدلية منها...
حاولت أن تجمع بقاياها فجرحت يدها ... أخرجت منديلاً ومسحت به قطيرات الدم ...
دوى في السماء صوتاً عالياً ... نظرت إليها .. حاولت أن تقاوم الفكرة التي طرأت في عقلها ... فتحت باب سيارتها و ألقت بها الحقيبة ثم تأكدت من إغلاق الباب... ومضت على أقدامها... تاركة السيارة من خلفها...
كانت تعلم تماماً أين هي و لكنها لم تكن تعلم إلى أين تمضي...
ابتعدت كثيراً عن ذلك المكان...
اشتدت الرياح .. فابتسمت لها بنصف وجهها كمن يبتسم لصديق له قد فهم ما كان يريده...
تلفتت حولها لتتأكد أنها وحدها في الطريق...
أغمضت عينيها و غنت بصوت منخفض نسبياً..
لم يكن صوتها شديد العذوبة و لكنه يحمل الكثير و الكثير من مشاعرها...
مش هيفيدني إنك تيجي فِيوم تهواني
اللي أنا عايزاة إنك تبعد عن عقلي ثواني
سيبني أفكر
دقيقة مش أكثر
سيبلي شوية عقل و ارجع بعد شوية و خدهم تاني

مرت سيارة مسرعة من جانبها.. فتوقفت فجأة عن الغناء و أصابها الخجل...
أضاءت السيارة الطريق بنورها الأبيض لبعض الوقت ...
ثم عاد النور البرتقالي ليغلف المكان من جديد...

ظلت تمضي و هي تهمهم بكلماتها السابقة بصوت خفيض...
ارتفع صوتها شيئاً فشيئا...
نظرت إلى السماء وهي تمضي ...
تعثرت في حجر .. كادت أن تسقط ولكنها أحكمت توازنها...
تذكرت موقفاً ما...
ضحكت و عادت لتدندن
هات أحلامي
وكمان أيامي
أنا راح أمشي هناك و هسافر
نفسي أعيشلي شوية عشاني
عادت لتتلفت حولها مرة أخرى ...
قررت أن تركض ..
صرخت عالياً .. فسمعت صدى صوتها ...
نادت السماء قائلة : يا ناااااااااس ... محدش يبص عليا...
لم يلتفت لها أحد ... فلم يكن هناك أحد...
ضحكت عالياً...
التفت حول نفسها و هي تراقص الريح التي تداعبها..كان على وجهها ابتسامة و هي تدور و تدور و تدور...
غازلت خصلات شعرها عينيها فأزاحتها بيدها و هي تغني ...

كفاية عليك كام سنة فاتوا
و كام سنة جاية
أفضل أفكر امتى يا قلبي تيجي ليا

رفعت يداً واحدة للسماء..
لاعبت بأصابعها الهواء...
وقبضت بيدها الأخرى على حفنة من الهواء..
بس خسارة
مش راح تيجي
علشان قلبك عمره فيوم
ماتمناني
نزلت بيدها تتحسس جبهتها ... أنفها ... فمها المرتعش ... جسدها ...
ثم عادت يدها لتتمايل و هي بالأسفل
هبت ريح قوية فتراجعت معها رغم محاولتها للتقدم
أسقطت رأسها للخلف
في وسط الليل و الدنيا برد
أفضل أنادي و ميجيش حد
أصرخ و أصرخ
و السما تصرخ معايا
دوى صوت الرعد عالياً فشعرت و كأن الكون كله يرتجف معها من البرد
وجدت محطة لإنتظار الحافلات ...
جلست على إحدى مقاعدها و هي ترتعش...
نظرت إلى حذاءها... لا تعلم لمَ تنظر إليه؟!...
تذكرت كلماته : لما بتلبسي الجذمة دية بحس إنك آنسة ..
ابتسمت
انقلبت شفتها السفلي للأسفل قليلاً ...
تذكرت عندما تعثرت يومها و هي ترتديها..
وكمان مش عارفة تمشي بيها .. هههههههه
قالت لنفسها بتفاخر : يجي يشوفني وأنا كنت بجري من شوية..
ياربي... هوه أنا مش قولت مش هفكر فيه شوية....

حوطت يديها على رقبتها ... أغمضت عينيها...
أمسكت رأسها لتعتصر جبهتها بيد واحدة ...
شعرت بسقوط دمعة من عينيها على كفها ...
ارتجفت .. ثم انتحبت ...
وضعت يدها على فمها ..
مسحت بظهر يدها أنفها المبتل...
قامت من مكانها ... و استكملت المقطوعة السابقة....
ينزل دمعي
تمطر السما ويايا
ركلت الحصا بقدمها
غيرت من نغمة صوتها

أضحك عاااااااااااالي
تنور
و ابكي بحرقة تقلب رعد
أعادته بصوت عالي أقرب إلى الأوبرالي و هي تحوط فمها بيديها و تنظر لأعلى
أضحك عااااااااااااااالي
تنور
و أبكي بحرقة تقلب رعد

مرت من جانبها سيارة مسرعة أخرى و لكنها لم تتوقف هذه المرة
نور و رعد وبرد ومطر
و عيني باصة لفوق
بتدور على القمر
ليه متداري؟
رجعت برأسها للخلف .. و بحثت بعينيها في السماء
مش خايفة البرق ياخد عيني
ومستنياك عشان تجيني
و تدفيني
أضاءت السماء ضوءاً قوياً ... ثم دوى صوت الرعد عالياً ...
هبت ريح شديدة القوة .. لم تستطع التقدم...
شعرها المبلول كان يتراقص من خلفها و كأنه يرقص رقصة الوداع...
التفتت يميناً عندما لمحت ذلك الطيف يمضي من جانبها...
شعرت بالخوف...
ارتجفت...
احتضنت نفسها بذراعيها و رفعت كتفها لأعلى علّها تشعر بالدفء...
أحوط نفسي بنفسي و افتكر
انك متعرفش إني بردانة
(نظرت للأسفل)
وإني تحت المطر
أرادت أن تركض ولكن الريح كانت تقاومها و بشدة ..
شعرت بالعجز
أنا مش قادرة أقاوم و أجري عليك
آه و أصارحك باللي فقلبي و احتمي بيك
يمين و شمال... أنا بتمايل
(قالت بوهن)
أنا مش قادرة اتحرك
تمام زي الشجر
تذكرت مشهد لعبتها وهي تسقط لتنكسر أمام عينيها..
حينما قدمها لها في إحدى أعياد ميلادها و هو يضحك قائلاً : أنسب حاجة ليكي هيا اللعبة دية .. زيك تمام .. صغيرة كدة و بتضحك زي الاطفال...
ضحكت وهي تنتحب...
رغم القرب ما بينا أنت بعيد
انت هناك مش داري باللي فقلبي أكيد
فاكر إني لسة البنت الحلوة النونو بتاعت زمان
كانت تجري عليك و تشيلها و تحضنها كمان
بس خلاص الوقت دة فات
تنفست بعمق
اغمضت عينيها
هدأت السماء قليلاً...
ثم انتفضت فجأة...
غنت بغضب...
و ابكي بحرقة ... يدق الرعد
ينزل دمعي مطر
و الدنيا برد
آآآآآآآآه
الدنيا برد

توقفت عن الغناء و هي تدندن بلحنها ...مممممم الدنيا برد
لوحت بيدها لسيارة أجرة قادمة من بعيد لتعود إلى مقر عملها حيث تقبع سيارتها..
عدلت ياقة قميصها المبتلة...
سرّحت شعرها بأناملها لتعيده إلى الخلف...
يتوقف
فتقول بوقار: العتبة لوسمحت.............
تركب السيارة.. و يهم بالانطلاق..
يمر من أمامها طيفه .. فتصرخ في نفسها دون أدنى صوت : مش قولنا هنقعد خمسة منفكرش فيه ....
تدندن في همس
الدنيا برد

.......................
البتاعة اللي كانت بتغنيها من عك : نعكشة
حكوك الطبع و النشل محفوسة لنعكوشة

1 قالوا رأيهم في العك اللي تحت ؟؟؟:

بما انك فتحنى باب التعليقات

كنت عايز اقول ان القصه دى عجبانى وبس

تحياتى