نـعـكـشـة

شوية كلام والسلام..مليش دعوةلوبعدما قريته قلت انك ضيعت وقتك..اقرأعلى مسؤليتك الخاصة

وراثة.


يكفيني أن أدقق النظر في الأعين كي أضطلع على ما بداخل القلوب..
دخلت الغرفة في بطء شديد ... كانت مطأطأة الرأس و كأنها تحسب عدد خطواتها للوصول إلي..
نزحتُ إلى اليسار قليلاً مفسحة لها مكاناً على سريري.. وضعت نفسها في حزن عليه ...
مددت أحد ذراعاي على الوسادة كأني أدعوها لتلتحم بي فأحوط عليها ... تكومت بداخلي واضعة ذراعها حول صدري...
لم أسألها ما بها فقد علمتُ أنها تواجة مشكلة ما ولم تجد أحداً غيري يتسع صدره لثرثرتها...
اسندت رأسي على رأسها و عدت مرة أخرى لاستكمال ما كنت أقرأه ...
حركت رأسها على صدري و هي تقول بصوت خفيض : ماما ... هوه أنا لو عملت حاجة غلط هتسامحيني..
ارتسمت ابتسامة على وجهي فقد فلحت خطتي في اجتذابها .. اومأت برأسي وهمهمت بصوت خفيض أيضاً : أها..
قضبت فمها ثم دفنت رأسها في صدري و هي تقول : أنا خرجت مع صحابي انهاردة ... رفعت أحد حاجبي ( في عقلي فقط ) حاولت أن أبدو على حالي ثم قلت لها : كدة متقوليليش قبليها .. قالت : مانتي مكنتيش هتوافقي...
اجابتها أثارت فضولي ولكن لابد من الحفاظ على تلك الوتيرة كي أعلم ما بها ثم أبدأ بعد ذلك في اتخاذ القرارات .. اعتقد أني قد استغرقت في محاولاتي تلك كثيراً فقد قالت لي مستفهمة : ماما .. مالك؟؟ ..
أجبت : لأ يا حبيبتي أبداً .. مكنتش هوافق ليه؟؟ انتو روحتوا فين؟؟؟
بدأت توقعاتي الخبيثة في الظهور : صالة ديسكو ( لا لا بنتي مربياها كويس) .. قهوة و شربوا شيشة ( لا لا دية طالعالي بتكرة السجاير و ريحيتها) .. بيت واحدة معرفهاش ( لأ البنت مش.... اسكندرية .. قالتها مقاطعة أفكاري .!
لم أستطع ازالة نظرة الذهول التي ارتسمت على وجهي كي ابدو طبيعية امامها فتحكي لي كل شيء بالتفصيل ولا تتردد ولكن ...
اسكندرية ..
دون أن تخبرني ....
عدلت من جلستي ببطء لأجلس القرفصاء على الفراش لأستطيع مواجهتها و مواجهة تلك التجربة ..
قلت لها و انا مسيطرة تماما على عصبيتي اللا محدودة بداخلي : ازاي يا منة متقوليليش قبل ما تروحي هناك ..
كررتها ثانية : مانتي مكونتيش هتوافقي ... و بعدين أنا قايلة لصحابي من زمان إن مامي فري ..
لماذا دائماً تدهشيني يا ابنتي : فري :| ...
روحتي أنتي و مين بقة إن شاء الله ؟؟ ..
لا أعلم ماذا يمكنني أن أفعل... إذا ما علم والدها بالأمر فربما يقتلني قبل أن يقتلها .. و سأستمع إلى القصائد الهجائية التي تبدأ دائماً ب : هيا دية تربيتك ... أنا غلطان إني ...و إنتي ولا أم ولا بتاع...
غير أني قبل ذلك مصدومة من فعلة ابنتي ..
ربما إذا ما طلبت مني .. بعثت معها أخوها -بعد أن تلح علي كثيراً في الأمر- ..
ولكن أن تسافر ... دون حتى أن تخبرني .. ولا تكلف نفسها عناء مكالمة هاتفية ...
كيف حدث ذلك ...
لقد ضاعت سنين عمري هباءً ..
أشعر بالحسرة و الألم ..
شعور مجرد بالوحدة اجتاحني.
كيف لها؟...
أردت لها أن تفهم أنها حرة ... ولكن لأي حرية حدود ...
لا أعلم إن كانت أجابت على سؤالي السابق لها أم لا ولكني لم أنتبه إلا و هي تربت على فخذي متسائلة : ماما .. انتي معايا ؟
حاولت أن أبتسم فلم أستطع .. قلت : مين صحابك اللي طلعوا معاكي يا منة؟؟
بدأت في سرد أسامي فتيات كثر .. ربما ارتحت حينما كثرت عدد الفتيات و لكنها لم تتركني لراحتي فسردت الكثير أيضاً من الفتيان بينما أنا في ذهولي .. قلت لها : ومين بقة صاحب الفكرة دية ؟؟؟
أنا ...
نعمممممممممممممممممممم : لم أستطع كبت مشاعري أكثر من ذلك .
يعني ازاي انتي : قلتها وانا على وشك الانفجار فيها ..
ماما ... منا مش هعرف أتكلم وانتي مبرقالي كدة .. : لمحت في عينيها نظرة استرحام فشعرت بقسوتي عليها ( لا أعلم أيه قسوة ولكن كان لابد من العودة إلى وضعيتي الأولى كي أتركها تفصح عن كل ما بداخلها)
حللت عقدة شعري و أنا أعبث به ثم قلت لها : ازاي طيب تقترحي انكوا تسافروا من غير ما تستأذنيني يا منة .. أنا ربيتك على كدة؟؟
نظرت إلي نظرة علمت منها أنها عرفت ما أقصدة تماماً ... يمكنها أن تفعل ما تشاء في حدود المسموح و بعد استئذاني ..
لو كنتي قولتيلي كنت بعت معاكي اخوكي و أهو كان هيوصلك بالعربية ..
أنا أسفة يا ماما ... لمحت ذلك في عينيها قبل حتى أن تتفوه به..
مش هقبل الأسف دة إلا لما توعديني إنك متتصرفيش بشعننة كدة من دماغك إلا لما تقوليلي ..
اوعدك يا ماما..
حبيبتي أنا خايفة عليكي ... مكانش يصح أبداً إنك تعملي كدة ... و بعدين لية مقولتيليش من قبلها؟
أصلها جت بالصدفة يا ماما .. أنا قولتلهم نفسي نروح اسكندرية .. قالوا : بييييييييييس و اللي معندوش كلمة اللي ميطلعش دلوقتي ...
طيب متصلتيش بيا ليه؟
منا خوفت
وماخوفتيش وانتي هناك من غير ما تقوليلي ؟؟؟
منا عشان كدة قولتلك
وانا عشان كدة سامحتك
متعمليهاش تاني يا منة
عشان خاطري يا حبيبتي .. فكري قبل ما تعملي الحاجة..
حاضر يا ماما... قبلتني و انطلقت إلى غرفتها ..
عدت إلى حيث كنت ... لأتذكر كيف كان حالي و أنا في مثل سنها ... كانت أحلامي أن أفعل ذلك .. أن تخرج من عقلي الفكرة فأنفذها ... و لكن لم يكن بوسعي ... فكنت أخاف أنا أيضاً من أن يتعصب أحد أبواي...
لا أعلم إن كنت أخطأت في تربيتها
ولا أعلم إن كنت أخطأت في موقفي معها
ولكن ما أعلمه.. أني أريدها عصفورة تحلق بعيداً لتكتشف ذاتها .. ولكن تعود إلي كي أبث بها خبرتي .. و نصائحي ...
تذهب إلى أقصى ما تستطيع ثم تعود إلي ..
لا أستطيع أن أخبرها بذلك و لكن ربما هذا ما أحست به و هي مسافرة إلى الأسكندرية
أعلم أنه خطأ .. و أعلم أني لأني أمها أشعر بالضيق
ولكني أشعر و كأني أنا من يتحرر في جسدها هي..
لا يمكنني أن أثني عليها فعلتها ... ولا يمكنني أيضاً أن أثني فعلتها على نفسي..
شيء ما يدفعني لأرفض ذلك ..
و شيء ما يحثني لأحتضنها بعد اكتشافاتها..
ربما في جلستنا المقبلة تخبرني عما فعلت هناك..
أخشى عليها من مواجهة الحياة .. و أريدها أن تواجهها و بقوة..
حائرة بين شعوري بالتمرد و شعور الأمومة بداخلي..
أشفق علي و عليها..
و أشفق على زوجي أيضاَ فيبدو أن حب التمرد و الانطلاق قد ورثته عني ....

..............................

حكوك الطبع و النشل محفوسة لنعكوشة

0 قالوا رأيهم في العك اللي تحت ؟؟؟: